responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 268
وَالْمَجْرُورَانِ يَتَعَلَّقَانِ بِ إِلهٌ بِاعْتِبَارِ مَا يَتَضَمَّنُهُ مِنْ مَعْنَى الْمَعْبُودِ لِأَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ أَلَهَ، إِذَا عَبَدَ فَشَابَهَ الْمُشْتَقَّ. وَصَحَّ تَعَلُّقُ الْمَجْرُورِ بِهِ فَتَعَلُّقُهُ بِلَفْظِ إِلَهٍ كَتَعَلُّقِ الظَّرْفِ بِغِرْبَالٍ وَأَقْوَى مِنْ تَعَلُّقِ الْمَجْرُورِ بِكَانُونَ فِي قَوْلِ الْحَطِيئَةِ يَهْجُو أُمَّهُ مِنْ أَبْيَاتِ:
أَغِرْبَالًا إِذَا اسْتُودِعْتِ سِرًّا ... وَكَانُونًا عَلَى الْمُتَحَدِّثِينَا (1)
وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ.
بَعْدَ أَنْ وُصِفَ اللَّهُ بِالتَّفَرُّدِ بِالْإِلَهِيَّةِ أُتْبِعَ بِوَصْفِهِ بِ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ تَدْقِيقًا لِلدَّلِيلِ الَّذِي فِي قَوْلِهِ: وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ، حَيْثُ دَلَّ عَلَى نَفْيِ إِلَهِيَّةِ غَيْرِهِ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِصَاصُهُ بِالْإِلَهِيَّةِ فِيهِمَا لِمَا فِي صِيغَةِ الْقَصْرِ مِنْ إِثْبَاتِ الْوَصْفِ لَهُ وَنَفْيِهِ عَمَّنْ سِوَاهُ، فَكَانَ قَوْلُهُ: وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ تَتْمِيمًا لِلدَّلِيلِ وَاسْتِدْلَالًا عَلَيْهِ، وَلِذَلِكَ سَمَّيْنَاهُ تَدْقِيقًا إِذِ التَّدْقِيقُ فِي الِاصْطِلَاحِ هُوَ ذِكْرُ الشَّيْءِ بِدَلِيلِ دَلِيلِهِ وَأَمَّا التَّحْقِيقُ فَذِكْرُ الشَّيْءِ بِدَلِيلِهِ لِأَنَّ الْمَوْصُوفَ بِتَمَامِ الْحِكْمَةِ وَكَمَالِ الْعِلْمِ مُسْتَغْنٍ عَمَّا سِوَاهُ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى وَلَدٍ وَلَا إِلَى بِنْتٍ وَلَا إِلَى شريك.
[85]

[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 85]
وَتَبارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (85)
عُطِفَ عَلَى سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ [الزخرف: 82] ، قُصِدَ مِنْهُ إِتْبَاعُ إِنْشَاءِ التَّنْزِيهِ بِإِنْشَاءِ الثَّنَاءِ وَالتَّمْجِيدِ.
وتَبارَكَ خَبَرٌ مُسْتَعْمَلٌ فِي إِنْشَاءِ الْمَدْحِ لِأَنَّ مَعْنَى تَبارَكَ كَانَ مُتَّصِفًا بِالْبَرَكَةِ اتِّصَافًا قَوِيًّا لِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ صِيغَةُ تَفَاعَلَ مِنْ قُوَّةِ حُصُولِ الْمُشْتَقِّ مِنْهُ لِأَنَّ أَصْلَهَا أَنْ تَدُلَّ عَلَى صُدُورِ فِعْلٍ مِنْ فَاعِلَيْنِ مِثْلَ: تَقَاتَلَ وَتَمَارَى، فَاسْتُعْمِلَتْ فِي مُجَرَّدِ تَكَرُّرِ الْفِعْلِ، وَذَلِكَ مِثْلُ: تَسَامَى وَتَعَالَى.

(1) الرِّوَايَة بِنصب غربالا وكانونا بِتَقْدِير: أتكونين، وَيجوز رفعهما بِتَقْدِير: أَأَنْت.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 268
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست